أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار

قصص الأنبياء ... قصة سيدنا إبراهيم عليه بالسلام بالفصحى ..

قصص الأنبياء ... قصة سيدنا إبراهيم بالفصحى ..

القصة إن سيدنا إبراهيم إتولد في بيئة كلها كفر وشرك بالله , كان الناس في عصره بيعبدوا تلات حاجات : منهم عَبدة الأصنام ، ومنهم عَبدة النجوم والكواكب, ومنهم عَبدة الملوك والحُكام.

سيدنا إبراهيم إتولد في بيت راجل مش عادي , مش بس بيعبد الأصنام ده كمان بيصنعها ويبيعها , مُعتز جداً بالآلهة وبيسّوق لعبادتها 

الراجل ده كان اسمه آزر , ذُكر في القرآن إنه والد سيدنا إبراهيم.. (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) .. [آية 74 : سورة الأنعام] 

لكن إختلف العلماء في حقيقة أُبوّته , منهم إللي قال إن آزر أبوه فعلاً , ومنهم إللي قال إنه كان عمه

طب عمه إزاي والقرآن بيقول أبوه ؟

• كان رأي بعض العلماء ومنهم الشيخ الشعرواي إن القرآن إستخدم لفظ الأب لـ الجد والعم في مواضع مختلفة , زي مثلاً (أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوْبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيْهِ مَا تَعْبُدُوْنَ مِنْ بَعْدِيْ قَالُوْا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيْمَ وَإِسْمَاعِيْلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُوْنَ) .. [آية 133 : سورة البقرة]

واحنا عارفين إن سيدنا إسماعيل وإسحاق أخوين , وعارفين بردو إن سيدنا يعقوب كان ابن سيدنا إسحاق .. معنى كدا إن سيدنا إسماعيل كان عم يعقوب مش أبوه .. ومع ذلك القرآن ذكره هنا ضمن لفظ "آبَاء" .. فإعتبر العم بمنزلة الأب. 

وبالمثل كان الإستخدام ده لـ لفظ الأب مُتعارف عليه بين العرب .. فنلاقي سيدنا النبي مثلاً لما أخدوا عمه العباس أسير , قال "رُدّوا عليّ أبـي " , المُراد كان عمه , لكنه أطلق لفظ الأب على العم من نفس المُنطلق السائد عند العرب.

• حاجة كمان بتشير إن آزر كان عم سيدنا إبراهيم : إنه لو كان أبوه ماكنش القرآن هيحتاج يذكر اسم الأب , فكان هيقول إذ قال إبراهيم لأبيه .. وخلاص على كدا , ليه يقول أبيه آزر ؟

معنى التحديد ده إن فيه أب تاني , وإن مش آزر هو الأب الأساسي لأن الأب الأساسي مابيحتاجش التأكيد على اسمه

وهتلاقي ان احنا في تعاملاتنا لحد دلوقتي ممكن حد يجي يسألك "أبوك فلان فين " , وساعتها السؤال بيكون عن حد غير والدك ؛ لأن والدك هتتسئل عنه بـ"أبوك فين" على طول.

• من ضمن الحاجات المُؤكِدة على عدم أبوة آزر لسيدنا إبراهيم

إن في حديث عن حبيبنا النبي بيقول "انا خيارٌ من خيار , مازلت أنتقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات " ..إن صح الحديث ده فهيكون معناه إن إستحالة يكون في سلسلة نسب سيدنا محمد أي مشرك , هُمَّ كلهم كانوا مُوحدين بالله [قد يكون منهم أهل فترة , و دول بردو مابيدخلوش في دائرة المشركين]

وبما إن آزر كان مشرك وبيعبد الأصنام فـ ده يأكد إنه لا ينتمي لسلسلة نسب سيدنا محمد , بمعنى إنه مش والد سيدنا إبراهيم.

في حين إن العلماء إللي تبنّوا فكرة أُبُوّة آزر لسيدنا إبراهيم , كان من ضمن أسبابهم إن خطاب سيدنا إبراهيم مع آزر إتذكر في القرآن أكتر من مرة , فمن المُستبعد إن يكون المقصود في كل الآيات دي هو عمه , خصوصاً إن كلمة "أبيه آزر" ماجتش غير مرة واحدة والباقي كان بيتم الإكتفاء بلفظ "أبيه" فكان ده دليل ملموس إن آزر هو والده بالفعل..

لكن النقطة دي الشيخ الشعراوي كان عنده رأي فيها يُعتبر رد عليها , هو إن أول الآيات في ترتيب النزول كان آية سورة الأنعام , يعني الآية إللي فيها لفظ "أبيه آزر" , وباقي الآيات نزلت فيما بعد , وبالتالي هنفهم إنه تم حسم القضية في عدم أُبُوّة آزر لسيدنا إبراهيم في أول آية تم ذِكره فيها ,

فـ مفيش إحتياج للتكرار  في باقي الآيات على إعتبار إن المُتلّقي بقى عارف إن آزر عمه لكنه في مقام أبوه.

إن صَح الرأي الأخير فـ نقدر نوصل لكذا إستنتاج جديد:

• الوالد الحقيقي لسيدنا إبراهيم كان مُتوفي.

• يُذكر إن اسم الوالد الحقيقي كان تارح.

• عمه آزر هو الي رباه علشان كده إتقال إنه أبوه ..

• يُقال إن آزر ده اسم صنم , كان عم سيدنا إبراهيم مشهور بصناعته , علشان كدا إتسمى آزر , ولو الرأي ده صحيح فإحنا مانعرفش الاسم الحقيقي للعم كان إيه.

•• وسواء كان الصواب هو كون آزر والد سيدنا إبراهيم أو عمه , في الحالتين مش هتفرق معانا في ديننا كتير لإن المُراد واضح ومُتفق عليه وهو أهمية النُصح في الدين وخصوصاُ للأقربين .. وده بيدل عليه أدلة كتير منها قوله تعالى {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} 

وقال تعالى:{ قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً }

وقال صلى الله عليه وسلم (أبدأ بنفسك ثم بمن تعول)

عشان كده سيدنا النبي بدأ بالسيدة خديجة و سيدنا على وسيدنا زيد وكانوا معاه في الدار فآمنوا وسبقوا، ثم بسائر قريش، ثم بالعرب .. ثم بالعالمين.

فبالمثل هنلاقي سيدنا إبراهيم بدأ بأبوه [سواء إللي أنجبه أو اللي ربّاه] ومن ثم دعا باقي قومه .. {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا (41) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ عَصِيًّا (44)  يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا} .. [سورة مريم]

سيدنا إبراهيم كان بيستغفر ربنا لآزر , مش من باب العِند ولا رفض أمر الله , هو بس حاول يتشَفّع لأبوه إللي ربّاه ؛ من باب رد الجميل وإنه بيحبه , وكمان لأنه لما حاول يدعوه للتوحيد ورفض ؛ ساعتها وعده إنه هيستغفرله

فـ كان إستغفاره وشفاعته لآزر تنفيذاً للوعد إللي وعده [وقيل إن الوعد كان من آزر نفسه , بمعنى إن آزر وعد سيدنا إبراهيم إنه هيؤمن بدينه , فـ كان سيدنا إبراهيم بيستغفرله وهو فاكر إنه قد أسلم] لكن لما آزر مات على الكفر ربنا بلّغ سيدنا إبراهيم إنه عدو لله ونهاه عن الإستغفار ليه , فـ توقّف فوراً عن استغفاره وإنصاع لأمر ربه (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ۚ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) ..[ آية 114 : سورة التوبة]

عشان كده هنلاقي إن الآية إللي فيها أمر لينا إننا نقتدي بسيدنا إبراهيم{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}

بيكون في تكملتها إستثناء وحيد ومُهم وهو إننا مش مسموح لنا نتأسى بسيدنا إبراهيم في إستغفاره لآزر {إِلا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأبِيهِ لأسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} .. [آية 4 : سورة الممتحنة]

سيدنا إبراهيم منذ طفولته كان فِطن مابيقتنعش بالأصنام وبيسخر منها وبيستغرب إزاي في ناس بتصنع شيء بإيديها وترجع تعبده رغم إن الشيء ده مايقدرش أصلا ينفع نفسه أو يضر غيره! .. (وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ  (51) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52)  قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (53)  قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) .. [ سورة الأنبياء]

وفي يوم فكّر إنه يثبت للكافرين ضلالهم , بس بأدب ولُطف وحِكمة في إقامة الحجة, فـ راح لـ عَبَدة النجوم والكواكب , ولما شاف كوكب مُضيء بيعبدوه [في الغالب هو كوكب الزهرة] سألهم أهذا ربي ؟ .. كأنه بقى معاهم في إعتقادهم , فلما غاب الكوكب , أظهر إستنكاره بكل منطقية , هل فيه رب بيغيب عن معبوديه؟! .. الرب الغائب غير مُستحق للعبادة .. وبكده يكون أحرجهم وأقام الحجة عليهم بالعقل وبالمنطق (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) ..[ آية 76 : سورة الأنعام]

وكرر الموضوع دا مع القمر , فلما غاب , لجأ قدامهم للرب الحقيقي والمعبود الأوحد إللي مؤكد شايفه وسامعه, إستغاث بيه إنه لو الرب الحقيقي ما أنقذوش من الضلال إللي هُمَّ فيه وأرشده لطريق الهداية هيكون زيه زي الناس إللي بتعبد القمر دي , فأقرّ عليهم ضلالهم بـ عبادتهم حاجات مبهورين بظهورها لكنها بتغيب وتسيب تدبير أمور عَبَدَتها , رغم إن المعروف عن المعبود إنه قائم على مصالح عِباده مابيغبش عنهم ثانية! (فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) ..[ آية 77 : سورة الأنعام]

وكرر نفس الفكرة مرة أخيرة مع الشمس .. فلما غابت واجههم إنه بريئ من إشراكهم , فـ أثبت عليهم إشراكهم بـ 3 مواقف بيأكدوا إن فيه إله واحد حقيقي أحق بالعبادة من كل إللي هُمَّ بيعبدوه (فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) .. [آية 78 , 79 : سورة الأنعام]

وفي يوم كان سيدنا إبراهيم ماشي على البحر , فـ شاف حيوان ميت , نصه في البحر ونصه على البر. النص إللي في البحر بياكلوه السمك وإللي على البر بياكلوه السباع

فتفكّر .. ياترى إزاي ربنا بيحيي الحيوان ده بعد ما مات وكل جزء فيه اتفرّق بالشكل ده

فطلب من ربنا يوريه إزاي بيحيي الموتى

سيدنا إبراهيم كان مؤمن ومُتيّقن من حقيقة إحياء الله للموتى , لكنه كان بيتفكّر في "الكيفية" من باب المُعاينة العينية.

لكن لما الموقف يتحكي فيما بعد ويسمعه ناس زينا ممكن يختلط علينا الأمر وتحصل شُبهة على خليل الله إنه كان شاكك في قُدرة الله خصوصاً إن سؤاله بـ"أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ" ممكن يتفهم على إنه شك! , ربنا عالم بقلب عبده وإنه بعيد كل البُعد عن الشك , فنلاقي ربنا نفى التُهمة تماماً عن خليله بسؤال "أَوَلَمْ تُؤْمِن" فكانت الإجابة "بَلَىٰ" فـ ثبت الأمر ونُفيت شُبهة الشك , وبعدها نلاقي سيدنا إبراهيم أظهر سبب السؤال من باب التعليل وإنه مُجرد إرتقاء بين درجات اليقين , فكمّل وقال "وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي" .. يعني ليطمئن قلبي بإرتقائه من المعلوم بُرهاناً إلى المعلوم عياناً.

وكان له ما طُلب لما ربنا أمره يعمل الآتي :

جاب أربع طيور [ يُقال إنهم حمامة وطاووس وديك وغراب] .. ودبحهم وقطّعهم تماماً وخلط الاجزاء إللي اتقطّعت كلها على بعض , و وزّعهم على الجبال إللي حواليه [وكانوا غالباً 10 جبال] ومسك المناقير الأربعة بين صوابعه, وبعد كده ناداهم, فـ تكوّن كل طير من جديد في مشهد بديع صعب العقول تصدّقه ولو كانت العيون شاهدة عليه , رجعت الأبدان وإكتملت, بل وذهبت فوراً لمناقيرها إللي بين صوابعه وإختار كل جسم المنقار الصحيح إللي يخصه.

سيدنا إبراهيم كان متزوج من السيدة سارة .. وهي أول من آمن به ..ومن بعدها آمن بيه سيدنا لوط (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ) ..[ آية 26 : سورة العنكبوت] .. [وبعد إيمان سيدنا لوط بالرسالة , هاجر لبلد تانية ونزلت النبوة عليه وبُعث في قوم آخرين وده اللي بإذن الله هنحكيه القصة الجاية..]

من ضمن مواقف الدعوة الإبراهيمية اللي القرآن بيحكيهالنا هي مُجادلة النمرود لسيدنا إبراهيم وإللي ممكن نلخّصها في الحوار التالي :

نمرود : يا إبراهيم، من ربك؟

سيدنا إبراهيم : { رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ}

النمرود : {أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ }

سيدنا إبراهيم: كيف تُحيي وتُميت؟

النمرود : أطلبُ رجلين من المحكوم عليهم بالقتل، فأُطلق واحداً ، وأقتُل واحداً، فأكونُ قد أمتّ وأحييت

سيدنا إبراهيم: إن كنت صادقاً، فأحْي الذي قتلته.. 

[النمرود سكت وماقدرش يرد , فـ سيدنا إبراهيم حَب يكشفه بـ إقامة حجة تانية عليه..]

فقال: دع عن هذا {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ}

وهنا سكت النمرود تماماً فـ إتضح مدى كذبه وإدعائه (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ)

إقترب عيد كبير كان القوم بيعملوه كل سنة ويخرجوا مخصوص عشانه من البلد .. آزر كان بيحاول يقنع سيدنا إبراهيم إنه يحضر معاهم العيد ده بإعتبار إنه لو شاف دينهم هيعجبه وينضملهم ويبطّل دعوته دي, لكن سيدنا إبراهيم كان ناوي على حاجة تانية أهم وأخطر .. إعتذر وتعذّر , رفع نظره للسما وفكّر .. لحد ما لاقى الحيلة فـ قعد في البلد بعُذر المرض { فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُوم (88) فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ} .. [ سورة الصافات]

خرج القوم وبمجرد خروجهم سيدنا إبراهيم حلف وتوعّد إنه هيكسّر آلهتهم المزعومة ويثبتلهم مدى ضعفها ومدى جهلهم { وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ} .. {آية 57 :سورة الأنبياء}

يُقال إنه قالها في سره , ويُقال إنه قالها بصوت مسموع وإللي سمعوه كانوا الضعفاء وأصحاب الأعذار إللي ماخرجوش للأعياد وإستنوا في البلاد..

الآلهة كانت عبارة عن أصنام صغيرة كتيرة وصنم واحد كبير هو أعظمهم وأقدسهم في نظر العابدين , سيدنا إبراهيم أخذته الغيرة على الدين فـ مسك الفأس وكسّر كل الصغيرين .. { فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (91) مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ (92) فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ } ..[سورة الصافات]

وبمجرد ما إنتهى من التحطيم حط الفأس ده في إيد صنمهم الكبير لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ , يرجعون للصنم فيسألوه عن إللي عمل كده في الباقيين , أو يسألوه إزاي يتعمل كده فيهم وما يدافعش عنهم ولا يحميهم , أو يرجعون للحق والعقل ويآمنوا بدين سيدنا إبراهيم.. {فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ} .. [آية 58 : سورة الأنبياء]

رجع القوم وشافوا اللي حصل .. إتصدَموا , غضبوا , إنفعلوا وسألوا عن إللي عمل كده وأهان الآلهة وأهانهم أجمعين!

الناس إللي كانوا في البلد مستنيين , قالولهم إنهم سمعوا شاب بيتكلم عن الآلهة بسوء , إتكلموا عنه كأنه من المجهولين , قالوا الظاهر كده إن اسمه إبراهيم {قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (59) قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ}

دوّروا عليه وجابوه .. كانوا ناويين يسمعوا منه ويشهّدوا الناس عليه وبعدها يعاقبوه فـ يبقى عِبرة لأي حد يفكر يعمل زيه 

وهو ده إللي من البداية سيدنا إبراهيم كان عايزه .. دلوقتي بس يقدر يثبتلهم جهلهم قدام الناس دي كلها , يقدر يكلمهم بالعقل والمنطق قدام البلد كلها.

سألوه إذا كان هو إللي عمل كده فعلاً ! .. فكانت الإجابة بالمنطق إنكم ياترى بتدوّروا على اللي عمل كده ليه ما هو كبير الأصنام ماسك الفأس أهو وهو الوحيد إللي لِسّه سليم , يبقى هو إللي حطّم الباقيين..

كانت إجابته بتوصّل لنتايج كتير .. أولاً شككهم في إن كبيرهم غار من إنهم يعبدوا معاه أصنام صغيرة فحطّمهم عشان يتفرّد بالعبادة .. وده بيؤدي بالضرورة إن الأصنام الصغيرة دي أكيد مش آلهة لإنها ماقِدرتش تدافع عن نفسها

وفي نفس الوقت ده بيوصّلهم لفكرة وحدانية الإله اللي هتكون تمهيد هايل للدعوة لدين سيدنا إبراهيم..

سيدنا إبراهيم إفترض معاهم الباطل بإنه قال على الصنم الكبير إنه ممكن يكون الفاعل , فرجّعهم لعقلهم عشان يردوا بنفسهم ويعترفوا بحقيقة إن الأصنام لا يمكن تتحرك أو تضر أو حتى تنطق فتحكي اللي حصل! .. وده بيوصلنا لنتيجة جديدة وهي إنهم بيعبدوا ما لا يضر ولا ينفع ولا يُبعد الضرر حتى عن نفسه , وده بيثبت إن عبادتهم دي كلها باطلة بإعترافهم هُمَّ مش بإفتراء من حد.. { قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ(61)  قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ  (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ) 63) فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ (65)  قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66)  أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} .. [سورة الأنبياء]

قوم سيدنا إبراهيم رجعوا تاني للعِند وأصرّوا على الضلال , وفوق كده اجتمعوا إنهم هيعاقبوه.. عقاب شديد وصارم بالحرق حياً على أعين الناس عشان يبقى عِبرة لغيره. {قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ}.. [آية 97 : سورة الصافات]

إبتدوا يبنوا محرقة كبيرة ويجمعوا الحطب لإشعالها بكل ما لديهم من طاقة , قربان للآلهة بقى و دفاع عنها وكل الناس بتشارك بإستماتة! .. { قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ} ..[آية 68 :سورة الأنبياء]

 لدرجة إنهم كان المريض منهم ينذر نذر إنه لو شُفي من مرضه هيجمع الحطب لحرق إبراهيم - من باب التقرّب للآلهة عشان يرزقوه الشِفَا!- , حتى الخيّاطة كانت تبيع شغلها وتجيب بالفلوس حطب للمحرقة! .. قعدوا على الحال ده شهر تقريباً , لحد مابقت النار من شرارها تحرق الطيور إللي معدّية في السما !

إحتاروا هيرموا سيدنا إبراهيم إزاي والحال إن محدش قادر يقرّب.. فأوحى لهم الشيطان بالمنجنيق..!

ربطوه ورموه , وفي وسط كل ده كان سيدنا إبراهيم محافظ على يقينه وإيمانه وماقالش غير كلمة واحدة هي " حسبي الله ونعم الوكيل"

فـ ربنا قال "يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ "

يُروى إن بعد الأمر الربّاني ده نفخت كل حيوانات الأرض النار (عن) سيدنا إبراهيم عشان تبرد فتكون سلام عليه , ماعدا البرص هو الوحيد إللي نفخ النار (على) سيدنا إبراهيم .. ومن هنا جاء حديث الحث على قتل البرص و إن إللي يقتله ياخد أجر

ويُقال إن إللي برّد النار كان سيدنا جبريل بـ جناحه

ويُقال محدش نفخ على النار أصلا ده ربنا أمرها بـ كُن فيكون ونفذّت أمره لأنها مخلوق وتحت طوعه..

من رحمة ربنا إنه قال" بَرْداً وَسَلاماً " فلو كان قال برداً بس , كان سيدنا إبراهيم إتجمد من كتر البرد!


المهم النار فعلا بقت باردة مُسالمة لدرجة إن يومها مافضلش نار في الدنيا كلها إلا وانطفئت.

سيدنا إبراهيم قعد فيها أيام مش دقايق , ومع ذلك كانت عِيشة هَنيّة مّنعّمة بيحكي عنها ويقول " ما كنت أياماً قط أنعم مني في الأيام التي كنت فيها في النار"

النمرود [حاكم العراق و مُدّعي الأولوهية ] من كتر الإنبهار فلتت كلمة من لسانه وقال " من إتخذ إلهاً فليتخذ مثل إله إبراهيم " , وقيل إنه أول ما شاف سيدنا إبراهيم في الحالة دي قال " نِعم الرب ربك يا إبراهيم!"

سيدنا إبراهيم ساب بلد قومه [ العراق] وسافر هو وزوجته  ساره.. وفي الطريق مرّ على أرض حاكم جبّار وظالم [ يُقال أنها مصر] .. وهناك أعوان الجبار ورجاله أول ماشافوا جمال ستنا سارة بلّغوا الحاكم أنه " قد قدِم أرضك إمرأة لاتنبغي إلا لك" .. فأمرهم يجيبوها ويتحققوا من أمر الراجل إللي معاها ؛ لو كان جوزها يقتلوه , لو كان أخوها يسيبوه.

سيدنا إبراهيم طلب من ستنا ساره تقول لهم إنها أخته .. بإعتبار إنها فعلاً أخته في الاسلام ..وبما إنه كان متأكد إن ربنا هينجيّها ويحميها ,  لكنه ساعتها كان مُخيّر بين الكدب والقتل فحب إنه يبعد أخطر الضررين بإختيار أهونهما لينجو هو وزوجته ..

[وهي دي تالت كدبة كدبها سيدنا إبراهيم زي ما سيدنا النبي ذكر في الحديث الصحيح .. والكدبتين التانيين لما قال "ِنِّي سَقِيمٌ" علشان مايروحش مع قومه فيقدر يكسّر الاصنام , ولما قال "بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا" عشان يبيّن للكفار عجز آلهتهم عن حماية نفسها وعجزها حتى عن الرد على سؤالهم ..

ناخد بآلنا إننا بنقول على دول كذبات رغم إن المُراد بيهم في كل مرة كان مصلحة الدين ونصرة الله مش أي مصالح شخصية , حتى لما أراد حماية نفسه كان لإستمرار الدعوة والرسالة , وإلا فـ الموت للأنبياء والصالحين أفضل بالنسبالهم من الحياة لإنهم موعودين بالجنة مُخلّدين فيها بينما الدنيا بالنسبالهم هُم مُبتلين بيها!

فـ تصنيف الكذبات دي هيكون من الكذب الحسن المحمود , خصوصاً إنها من معاريض الكلام وفيها تورية ووجه صواب في كل مرة , لكن إطلاق لفظ "كذب" عليهم هو لمجرد إنه السامع بيتهيأله إن التصرف ده يندرج تحت مُسمى الكذب.]

الحُراس أخدوا السيدة سارة , وسابوا سيدنا إبراهيم إللي إبتدا سلسلة من الصلوات والدعوات .. ستنا سارة كمان كانت بتدعي بمنتهى اليقين والتضرّع , فـ أُستجيبت الدعوة و كانت بشاير الإستجابة إن كل ما الجبّار يحاول يقرّب منها إيده تنقبض .. فيقولها "ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله أن لا أضُرّك"

فتدعي , وربنا يستجيب .. فييرجع سليم , لكنه يحاول يقرّب تاني فتدعي عليه فإيده تنقبض , فيقول لها نفس الكلام تاني ...

واتكرر الموضوع تلات مرات لحد ما في المرة التالتة نادى الحرس وإتهمهم إنهم جايبنله شيطان مش إنسان! أمرهم يرجّعوها لإبراهيم وييبعتوا معاها هاجر .. ستنا هاجر اللي كانت ساعتها جارية عنده أرسلها مع ستنا سارة عشان تخدمها بإعتبار إنه " لايليق بمثل هذه أن تخدم نفسها" 

ستنا سارة رجعت لسيدنا إبراهيم وكان لسه بيصلي , حكتله إللي حصل و إبتدت رحلتهم كلهم للشام .. ودي البلد إللي استقروا فيها. 

ستنا سارة لما يأست من الإنجاب وَهبت هاجر لسيدنا إبراهيم عشان تبقى مَلكة يمين ليه أو زوجة تانية أو ما شابه.

وكأن زيارتهم لمصر كانت سبب عشان تنضم ليهم ستنا هاجر إللي هتبقى فيما بعد والدة سيدنا إسماعيل إللي من نَسله هيجي حبيبنا النبي صلوات الله وسلامه عليه.

ستنا هاجر لما خلّفت من سيدنا إبراهيم طفل اسمه إسماعيل غارت سارة .. فربنا أمر سيدنا إبراهيم إنه ياخد هاجر وإسماعيل و يذهب بهم إلى مكة ..والأصعب من كده إنه مأمور يسيبهم هناك .. و ده ليه حكمة ربانية عظيمة هتظهر بعد كده..

سيدنا إبراهيم نفّذ , رغم صعوبة الفراق و وحشة المكان وخوف الأب على طفله الرضيع في مكان لا أكل فيه ولا مياه , إلا إنها أوامر الرحمن ولابد أن تُطاع.

سابهم تحت شجرة في مكة وكان إبتدا يبعد عنهم لما ستنا هاجر جريت وراه تسأله رايح فين وسايبهم في مكان مهجور زي ده! .. ما ردّش ، ما استجابش ، حتى إنه ما إلتَفَتش..

ستنا هاجر فهمت تصرّفه فسألته "آلله أمرك بهذا ؟ " فأجاب نعم .. بمنتهى الرضا والثقة قالت " فلن يُضيّعنا " 

سيدنا إبراهيم سابهم ودعالهم وساب معاهم كيس تمر وقِربة ميّة .. ستنا هاجر فضلت فترة تاكل وتشرب منهم وترضّع ابنها .. لكن المشكلة ظهرت أول ما الميّة والتمر خلصوا , إبتدا الطفل يعيط ولونه يتغيّر من كتر الجوع

مابَقِتش عارفة تعمل إيه .. جريت وبعدت عنه من كتر ماهي مش قادرة تشوفه كده , حاولت تتصرف , صعدت على جبل قريب منها ‘اسمه الصفا‘ .. لعلها تلاقي حد جاي أو قافلة معديّة من بعيد .. مالاقِتش.

رجعت للطفل تطمّن عليه .. ولما قرّبت منه أسرعت في المشي شوية من لهفتها عليه ‘هرولة‘ .. لاقيته زي ماهو وحالته بتسوء وبيشهق جامد كأنه هيموت .. جريت على الجبل إللي في الناحية المُقابلة .. ‘وكان اسمه المروة‘ .. تدّور على حد معدّي ؟ مفيش .. رجعت تاني تشوف الرضيع إسماعيل وتطمن عليه .. وبعدها طلعت تاني على جبل الصفا يمكن حد يكون عدّى المرادي, بردو مفيش .. فضلت تروح وتيجي بين الجبلين 7 مرات لعلها في مرة منهم تلاقي حد تستنجد بيه.. [ ومن هنا شُرع لنا السعي بين الصفا والمروة 7 مرات .. والمنطقة بين الجبلين إللي مُخصصة للهرولة ومتعلّمة بأضواء خضرا حالياً, دي إللي كانت بتسرّع في المشي شوية فيها عشان تطمن على سيدنا اسماعيل إللي كان أساساً في نص المنطقة دي تقريباً]

في المرة السابعة لسعيها , نزل سيدنا جبريل طمّنها وقالها " لاتخافي الضيعة فإن ها هنا بيت الله يبنيه هذا الغلام وأبوه وإن الله لا يضيع أهله "

وضرب بإيده الأرض تحت قدم سيدنا إسماعيل فإنفجر بئر زمزم .. ومن ساعتها وهو عين ماء لا تجف حتى قيام الساعة. 

السيدة هاجر فضلت قاعدة فترة لانعلمها , لحد ما قافلة عدّت [من قبيلة اسمها جُرْهُم] ..لَمَحوا طائر بيحوم حوالين الوادي من بعيد فاستغربوا ! قالوا الطائر ده أكيد بيحوم حوالين ميّة! بس إحنا عمرنا ماشوفنا في الوادي ده أي مياه!

فـ بَعتوا حد منهم عشان يتأكد .. لاقوه رِجع بميّة فعلا ! راحوا كلهم واستأذِنوا السيدة هاجر يسكنوا معاهم.

هي وافقت وهُمَّ إستقروا في مكة وبعتوا لأهاليهم يجوا يعيشوا معاهم .. وبكده يتعمّر الوادي و تُستجاب دعوة سيدنا إبراهيم حرفياً " فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ".

سيدنا إبراهيم كان خليل الله وهو النبي الوحيد إللي ربنا ذكره في كتابه بالصِفة دي ..{ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} .. [آية 125 : سورة النساء]

ودي منزلة أكبر من الحب بكتير..  في الوقت إللي كل الناس بتسعى وتتمنى إنها تحس بجمال حُب ربنا , ربنا هو بنفسه الي حَب سيدنا إبراهيم وقرّبه منه وفضّله بالمكانة العظيمة دي

فلما إتولد سيدنا إسماعيل كان الطبيعي إن الأب يحب إبنه ويحتل مكانة كبيرة في قلبه , وده مش أي ابن , ده ابن جاي بعد إنتظار طويل وطلب من الله بدعوات كتير (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ)

وبما إن ربنا بيغير على قلب عبده من أي حُب ينافس محبة الله في قلبه , 

فـ إقتضت الحكمة الربانية إنه يظهِر صفاء محبة سيدنا إبراهيم لربه عن طريق إختباره بأمر ذبح ابنه!

ربنا ماكنش غرضه إن الخليل يذبح سيدنا إسماعيل فعلاً , لأن القتل محرم في جميع الأديان .. لكنه كان مجرد إختبار لتطهير قلب خليل الله من أي حب ينافس حب الله.

ولإن سيدنا إبراهيم كان أهل للمنزلة العالية إللي ربنا إدهاله , فكان قـد الإختبار , ورغم حُبه الشديد لإبنه إسماعيل خصوصاً إنه جاله بعد طول إنتظار .. إلا إنه فضّل إتباع أمر ربنا وكان متأكد إن في حكمة هو مايعرفهاش.

سيدنا إبراهيم كان أخد القرار بإتباع أمر ربنا فعلاً , ومع ذلك ماحبش يبقى مُتسلّط أو ديكتاتوري ويقول لابنه الأمر على طول

فـ قبل أي حاجة سيدنا إبراهيم راح لسيدنا إسماعيل وأخد رأيه وقاله (يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ)

سيدنا إسماعيل كان نبي ابن نبي فـ رغم صغر سنه إلا إنه كان متربّي على إيد ستنا هاجر المؤمنة المُستسلمة لأمر الله , فكان مؤمن بالله إيمان صادق يخليه يتقبّل أي أمر إلاهي وهو كله ثقة برحمة وحِكمة ربنا من غير حتى ما يسأل [زي ماعملت أمه هاجر من قبله , و زي ما كان ولازال أبوه إبراهيم بيعمل في كل موقف]

فكان رد إسماعيل (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) .. [آية 102 : سورة الصافات]

 (فَلَمَّا أَسْلَمَا) سلّموا أمرهم لربنا وسلّموا بحكمته و رضيوا بأمره وقالوا أشهد أن لا إله إلا الله فقالها سيدنا إبراهيم لأنه هيذبح , وقالها سيدنا إسماعيل لأنه هيموت .. 

(وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) يعني حط راسه ناحية الأرض علشان مايشوفش شكله وهو بيتدبح 

قبل ما السكينة تلمس رقبة الابن بثواني ربنا طمّنه إن ده كان إختبار وانه نجح فيه , فـ هيردله إبنه سليم مُعافى ويفديه بخروف يتذبح مكانه عشان تكتمل تضحيته لوجه الله ويكون الخروف فدو عن حياته (وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) .. [آية 107 : سورة الصافات]

[ ومن هنا شُرعت لنا أضحية عيد الأضحى إقتداءاً بأبو الأنبياء في تضيحته]

تعدّي السنين وسيدنا إسماعيل يكبر والناس تحبّه ويعلّموه اللغة العربية - فيكون أول من نطق بالعربية المبيِّنة -

في السنين دي ستنا هاجر إتوفت وهو إتجوز.

ويجي بعدها سيدنا إبراهيم يطّمن على ابنه .. فيزوره مرة وإتنين ومايلاقيهوش

لكن في الزيارة التالتة لاقاه قاعد تحت شجرة جنب زمزم ..وبعد السلام وفرحة اللُقا , سيدنا إبراهيم بلّغه إن ربنا أمره ببناء بيت لله في أرضه. وسأله إن كان هيعينه على تنفيذ أمر ربه , فبادر سيدنا إسماعيل فوراً بالموافقة والمساعدة.. وإبتدوا سوا بناء الكعبة ❤

نرجع مرجوعنا لستنا سارة إللي لازالت في الشام

واللي بعد ما سيدنا إبراهيم رجعلها ربنا بشّرهم بـ سيدنا إسحاق.

التبشير بإسحاق كان بيتضمن خبايا كتير , أولها إن سيدنا إسحاق كان مكافئة وتعويض لسيدنا إبراهيم على إمتثاله لأمر الله بالشروع في ذبح ابنه إسماعيل

فـ ربنا مش بس نجّى إسماعيل , دا كمان بشّر سيدنا إبراهيم بإسحاق ومن بعد إسحاق ابنه يعقوب , تكرّم الله على سيدنا إبراهيم بـ إنه يشوف حفيده يعقوب كمان قبل ما يتوفى , فيطّمن إن ربنا إستجاب لدعوته وإنه هيكونله أبناء وأحفاد بيعقبوه في النبوة والخير والدعوة.

تاني الخبايا كان طريقة التبشير , ربنا أرسل لسيدنا إبراهيم ملايكة مُبشّرين على شكل بشر , إستقبلهم سيدنا إبراهيم كـ ضيوف وبعت يجبلهم أكل ويكرم ضيافتهم .. لكنهم مارضيوش ياكلوا فـ هو قِلق منهم 

لحد ماطمّنوه إنهم رُسل من ربه وإنهم جايين يبشروه بإسحاق.. (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (25) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (27) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (28) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (29) قَالُوا كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (.. [سورة الذاريات ]

ولدت ستنا ساره إسحاق وعاش في الشام وكبر وإتجوز وجاب ولدين :

يعقوب وعيص.

• عيص ذريته الروم ..

• يعقوب هو إسرائيل .. و ذريته بنو إسرائيل

ويُبعث فيهم بعد سنين سيدنا موسى , وبعديه سيدنا عيسى , وبينهم باقي الأنبياء المذكورين في القرآن أجمعين .. وكلهم في الأصل من ذرية سيدنا يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم..

وعشان كده سيدنا إبراهيم سُمي أبو الأنبياء , لأنه من ذريته باقي الأنبياء كلهم ..

• سيدنا إبراهيم ربنا سماه خليل الله ودي منزلة ماحدش وصلها في خلق الله كلهم غير سيدنا محمد وسيدنا إبراهيم .. قال رسول الله : (إن الله قد اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً)

• أول من يُكسى يوم القيامة هو سيدنا إبراهيم زي ما سيدنا النبي قال لنا : (إنكم محشورون حفاة عراة غرلا "كما بدأنا أول خلق نعيده" الآية. وإن أول الخلائق يُكسى يوم القيامة إبراهيم). صحيح البخاري.

• سيدنا إبراهيم الوحيد إللى بتؤمن بيه جميع الأديان السماوية وكلهم بيفتخروا بيه وبينسبوا نفسهم إليه.

• قال فيه ابن عباس : ما قام بدين الله كله إلا إبراهيم عليه السلام، قدّم جسمه للنيران، وماله للضيفان، وولده للقربان.

• قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نحن أولى بالشك من إبراهيم).

بمعنى أنه : كان أمر إبراهيم كله قائم على اليقين، وما قام بأمر الله كله إلا إبراهيم.

• من جمال وكمال أدب سيدنا إبراهيم مع الله , ما يذكره الله في كتابه على لسان إبراهيم {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ(78)  وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} ..[سورة الشعراء]

فـ نلاقيه لما اتكلم عن الخلق والإطعام وهي حاجات جميلة , أنسبها لله وإنها نِعَم ربنا تفضّل عليه بيها

إنما لما اتكلم عن المرض قال " إِذَا مَرِضْتُ " ماقالش إذا أمرضني! .. 

فـ من كمال الأدب مع الله أنسب المرض لنفسه , إن هو أصابه المرض وإن ربنا هو إللي هيشفيه.

وختم ده كله بالطمع في مغفرة ربنا على خطاياه رغم إننا لو تأملنا أحداث حياته كلها هنلاقي كل تصرفاته ماكانت إلا سعياً لمرضاة الله , ومع ذلك بيطلب مغفرة ربنا على أي تقصير أو تصرفات عملها كانت خِلاف الأولى! .. {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ}

وفي الأول و في الاخر دي كلها اجتهادات العلماء في محاولة تفسير كتاب الله , وربنا وحده الأعلى والأعلم بما يُصيب ويُخطئ منها .. قال تعالى "وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون امنا به كل من عند ربنا"❤

#قصص_الأنبياء

#أبو_الأنبياء .. #سيدنا_إبراهيم

#إعرف_دينك

#لإن_إستمتاعك_بالقرآن_هيزيد_لما_تفهم_قصصه

المصادر :

• تفسير القرطبي

• تفسير ابن كثير

• تفسير ابن عاشور

• تفسير الطنطاوي

• قصص طارق السويدان

• قصص الشعراوي

• قصص نبيل العوضي

• قصص عمرو خالد

• موقع الملك سعود للمصحف الإلكتروني , تم الإستعانة به للتأكد من تفسير بعض الآيات

• موقع إسلام ويب

• كتاب مختصر سيرة الرسول لمحمد بن عبدالوهاب


تعليقات